الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
*3* الشرح: قوله (باب ما يقول إذا نام) سقطت هذه الترجمة لبعضهم وثبتت للأكثر. الحديث: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا قَامَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ الشرح: قوله (سفيان) هو الثوري، وعبد الملك هو ابن عمير، وثبت في رواية أبي ذر وأبي زيد المروزي عن عبد الملك بن عمير. قوله (إذا أوى إلى فراشه) أي دخل فيه، وفي الطريق الآتية قريبا " إذا أخذ مضجعه " وأوى بالقصر. وأما قوله " الحمد لله الذي آوانا " فهو بالمد ويجوز فيه القصر، والضابط في هذه اللفظة أنها مع اللزوم تمد في الأفصح ويجوز القصر، وفي التعدي بالعكس. قوله (باسمك أموت وأحيا) أي بذكر اسمك أحيا ما حييت وعليه أموت. وقال القرطبي: قوله " باسمك أموت " يدل على أن الاسم هو المسمى، وهو كقوله تعالى والمعنى الذي صدرت به أليق، وعليه فلا يدل ذلك على أن الاسم غير المسمى ولا عينه، ويحتمل أن يكون لفظ الاسم هنا زائدا كما في قول الشاعر: إلى الحول ثم اسم السلام عليكما قوله (وإذا قام قال الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا) قال أبو إسحاق الزجاج: النفس التي تفارق الإنسان عند النوم هي التي للتمييز، والتي تفارقه عند الموت هي التي للحياة وهي التي يزول معها التنفس، وسمي النوم موتا لأنه يزول معه العقل والحركة تمثيلا وتشبيها قاله في النهاية، ويحتمل أن يكون المراد بالموت هنا السكون كما قالوا ماتت الريح أي سكنت، فيحتمل أن يكون أطلق الموت على النائم بمعنى إرادة سكون حركته لقوله تعالى (وهو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه) قاله الطيبي: قال: وقد يستعار الموت للأحوال الشاقة كالفقر والذل والسؤال والهرم والمعصية والجهل. وقال القرطبي في " المفهم ": " النوم والموت يجمعهما انقطاع تعلق الروح بالبدن " وذلك قد يكون ظاهرا وهو النوم ولذا قيل النوم أخو الموت، وباطنا وهو الموت، فإطلاق الموت على النوم يكون مجازا لاشتراكهما في انقطاع تعلق الروح بالبدن. وقال الطيبي: الحكمة في إطلاق الموت على النوم أن انتفاع الإنسان بالحياة إنما هو لتحري رضا الله عنه وقصد طاعته واجتناب سخطه وعقابه، فمن نام زال عنه هذا الانتفاع فكان كالميت فحمد الله تعالى على هذه النعمة وزوال ذلك المانع، قال: وهذا التأويل موافق للحديث الآخر الذي فيه " وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " وينتظم معه قوله " وإليه النشور " أي وإليه المرجع في نيل الثواب بما يكتسب في الحياة. قلت: والحديث الذي أشار إليه سيأتي مع شرحه قريبا. قوله (وإليه النشور) أي البعث يوم القيامة والإحياء بعد الإماتة، يقال نشر الله الموتى فنشروا أي أحياهم فحيوا. قوله (تنشرها تخرجها) كذا ثبت هذا في رواية السرخسي وحده، وقد أخرجه الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بذلك وذكرها بالزاي من أنشره إذا رفعه بتدريج وهي قراءة الكوفيين وابن عامر. وأخرج من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: ننشرها أي نحييها، وذكرها بالراء من أنشرها أي أحياها ومنه الحديث: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا ح و حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى رَجُلًا فَقَالَ إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ فَقُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَا وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ الشرح: قوله (عن أبي إسحاق) هو السبيعي (سمعت البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا ح. وحدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا أبو إسحاق الهمداني عن البراء بن عازب) كذا للأكثر. وفي رواية السرخسي " عن أبي إسحاق سمعت البراء " والأول أصوب وإلا لكان موافقا للرواية الأولى من كل جهة، ولأحمد عن عفان عن شعبة " أمر رجلا من الأنصار " وقد تقدم شرح هذا الحديث مستوفي في الباب قبله. (تنبيهان) : الأول لشعبة في هذا الحديث شيخ آخر أخرجه النسائي من طريق غندر عنه عن مهاجر أبي الحسن عن البراء، وغندر من أثبت الناس في شعبة ولكن لا يقدح ذلك في رواية الجماعة عن شعبة، فكأن لشعبة فيه شيخين الثاني وقع في رواية شعبة عن أبي إسحاق في هذا الحديث عن البراء " لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك " وهذا القدر من الحديث مدرج لم يسمعه أبو إسحاق من البراء وإن كان ثابتا في غير رواية أبي إسحاق عن البراء، وقد بين ذلك إسرائيل عن جده أبي إسحاق، وهو من أثبت الناس فيه، أخرجه النسائي من طريقه فساق الحديث بتمامه ثم قال. كان أبو إسحاق يقول " لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك " لم أسمع هذا من البراء سمعتهم يذكرونه عنه، وقد أخرجه النسائي أيضا من وجه آخر عن أبي إسحاق عن هلال بن يساف عن البراء. *3* الشرح: قوله (باب وضع اليد تحت الخد اليمنى) كذا فيه بتأنيث الخد وهو لغة، ثم ذكر فيه حديث حذيفة المذكور في الباب الذي قبله. الحديث: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنْ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ الشرح: حديث حذيفة المذكور في الباب الذي قبله وفيه " وضع يده تحت خده " قال الإسماعيلي: ليس فيه ذكر اليمنى وإنما ذلك وقع في رواية شريك ومحمد بن جابر عن عبد الملك بن عمير. قلت: جرى البخاري على عادته في الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث وطريق شريك هذه أخرجها أحمد من طريقه، وفي الباب عن البراء أخرجه النسائي من طريق أبي خيثمة والثوري عن أبي إسحاق عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وقال: اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك " وسنده صحيح. وأخرجه أيضا بسند صحيح عن حفصة وزاد " يقول ذلك ثلاثا". *3* الشرح: قوله (باب النوم على الشق الأيمن) تقدمت فوائد هذه الترجمة قريبا، وبين النوم والضجع عموم وخصوص وجهي. الحديث: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَهُنَّ ثُمَّ مَاتَ تَحْتَ لَيْلَتِهِ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ اسْتَرْهَبُوهُمْ مِنْ الرَّهْبَةِ مَلَكُوتٌ مُلْكٌ مَثَلُ رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ تَقُولُ تَرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْحَمَ الشرح: قوله (العلاء بن المسيب عن أبيه) هو ابن رافع الكاهلي ويقال الثعلبي بمثلثة ثم مهملة يكنى أبا العلاء، وكان من ثقات الكوفيين، وما لولده العلاء في البخاري إلا هذا الحديث وآخر تقدم في غزوة الحديبية وهو ثقة، قال الحاكم: له أوهام. (تنبيه) : وقع في " مستخرج أبي نعيم " في هذا الموضع ما نصه " لتسترهبوهم من الرهبة. ملكوت ملك مثل رهبوت ورحموت، تقول: ترهب خير من أن ترحم " انتهى ولم أره لغيره هنا. وقد تقدم قوله " استرهبوهم من الرهبة " في تفسير سورة الأعراف وباقيه تقدم في تفسير الأنعام، وتكلمت عليه هناك وبينت ما وقع في سياق أبي ذر فيه من تغيير وأن الصواب كالذي وقع هنا، والله أعلم. *3* الشرح: قوله (باب الدعاء إذا انتبه من الليل) رواية الكشميهني " بالليل " ووقع عندهم في أول التهجد في أواخر كتاب الصلاة بالعكس. ذكر فيه حديثين عن ابن عباس. الحديث: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى حَاجَتَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ نَامَ ثُمَّ قَامَ فَأَتَى الْقِرْبَةَ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ وُضُوءَيْنِ لَمْ يُكْثِرْ وَقَدْ أَبْلَغَ فَصَلَّى فَقُمْتُ فَتَمَطَّيْتُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَرَى أَنِّي كُنْتُ أَتَّقِيهِ فَتَوَضَّأْتُ فَقَامَ يُصَلِّي فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَتَتَامَّتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ فَآذَنَهُ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يَسَارِي نُورًا وَفَوْقِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا قَالَ كُرَيْبٌ وَسَبْعٌ فِي التَّابُوتِ فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ فَذَكَرَ عَصَبِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعَرِي وَبَشَرِي وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ الشرح: قوله (عن سفيان) هو الثوري، وسلمة هو ابن كهيل. قوله (بت عند ميمونة) تقدم شرحه مضموما إلى ما في ثاني حديثي الباب في أول أبواب الوتر دون ما في آخره من الدعاء فأحلت به على ما هنا. وقوله فيه " فغسل وجهه " كذا لأبي ذر، ولغيره " غسل " بغير فاء. وقوله "شناقها " بكسر المعجمة وتخفيف النون ثم قاف هو رباط القربة يشد عنقها فشبه بما يشنق به، وقيل هو ما تعلق به، ورجح أبو عبيد الأول. قوله (وضوءا بين وضوءين) قد فسره بقوله " لم يكثر وقد أبلغ " وهو يحتمل أن يكون قلل من الماء مع التثليث أو اقتصر على دون الثلاث، ووقع في رواية شعبة عن سلمة عند مسلم " وضوءا حسنا " ووقع عند الطبراني من طريق منصور بن معتمر عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه في هذه القصة " وإلى جانبه مخضب من برام مطبق عليه سواك فاستن به ثم توضأ". قوله (أتقيه) بمثناة ثقيلة وقاف مكسورة كذا للنسفي وطائفة، قال الخطابي: أي ارتقبه. وفي رواية بتخفيف النون وتشديد القاف ثم موحدة من التنقيب وهو التفتيش. وفي رواية القابسي " أبغيه " بسكون الموحدة بعدها معجمة مكسورة ثم تحتانية أي أطلبه، وللأكثر " أرقبه " وهي أوجه. قوله (فتتامت) بمثناتين أي تكاملت، وهي رواية شعبة عن سلمة عند مسلم. قوله (فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ) في رواية مسلم ثم نام حتى نفخ وكنا نعرفه إذا نام بنفخه". قوله (وكان يقول في دعائه) فيه إشارة إلى أن دعاءه حينئذ كان كثيرا، وكان هذا من جملته، وقد ذكر في ثاني حديثي الباب قوله " اللهم أنت نور السماوات والأرض إلخ " ووقع في رواية شعبة عن سلمة " فكان يقول في صلاته وسجوده " وسأذكر أن في رواية الترمذي زيادة في هذا الدعاء طويلة، ووقع عند مسلم أيضا في رواية علي ابن عبد الله بن عباس عن أبيه أنه قال الذكر الآتي في الحديث الثاني أول ما قام قبل أن يدخل في الصلاة. وقال هذا الدعاء المذكور في الحديث الأول وهو ذاهب إلى صلاة الصبح، فأفاد أن الحديثين في قصة واحدة وأن تفريقهما صنيع الرواة. وفي رواية الترمذي التي سيأتي التنبيه عليها أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك حين فرغ من صلاته، ووقع عند البخاري في " الأدب المفرد " من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يصلي فقضى صلاته يثنى على الله بما هو أهله، ثم يكون آخر كلامه اللهم اجعل في قلبي نورا الحديث " ويجمع بأنه كان يقول ذلك عند القرب من فراغه. قوله (اللهم اجعل في قلبي نورا إلخ) قال الكرماني: التنوين فيها للتعظيم أي نورا عظيما كذا قال، وقد اقتصر في هذه الرواية على ذكر القلب والسمع والبصر والجهات الست وقال في آخره " واجعل لي نورا". ولمسلم عن عبد الله بن هاشم عن عبد الرحمن بن مهدي بسند حديث الباب " وعظم لي نورا " بتشديد الظاء المعجمة. ولأبى يعلى عن أبى خيثمة عن عبد الرحمن " وأعظم لي نورا " أخرجه الإسماعيلي، وأخرجه أيضا من رواية بندار عن عبد الرحمن. وكذا لأبي عوانة من رواية أبي حذيفة عن سفيان ولمسلم في رواية شعبة عن سلمة " واجعل لي نورا " أو قال " واجعلني نورا " هذه رواية غندر عن شعبة. وفي رواية النضر عن شعبة " واجعلني " ولم يشك. وللطبراني في الدعاء من طريق المنهال بن عمرو عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه في آخره " واجعل لي يوم القيامة نورا". قوله (قال كريب: وسبع في التابوت) قلت: حاصل ما في هذه الرواية عشرة، وقد أخرجه مسلم من طريق عقيل عن سلمة بن كهيل " فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسع عشرة كلمة حدثنيها كريب فحفظت منها ثنتي عشرة ونسيت ما بقي " فذكر ما في رواية الثوري هذه وزاد " وفي لساني نورا " بعد قوله " في قلبي " وقال في آخره " واجعل لي في نفسي نورا وأعظم لي نورا " وهاتان ثنتان من السبع التي ذكر كريب أنها في التابوت مما حدثه بعض ولد العباس. وقد اختلف في مراده بقوله التابوت فجزم الدمياطي في حاشيته بأن المراد به الصدر الذي هو وعاء القلب، وسبق ابن بطال والداودي إلى أن المراد بالتابوت الصدر، وزاد ابن بطال: كما يقال لمن يحفظ العلم: علمه في التابوت مستودع. وقال النووي تبعا لغيره: المراد بالتابوت الأضلاع وما تحويه من القلب وغيره تشبيها بالتابوت الذي يحرز فيه المتاع، يعني سبع كلمات في قلبي ولكن نسيتها، قال: وقيل المراد سبعة أنوار كانت مكتوبة في التابوت الذي كان لبني إسرائيل فيه السكينة. وقال ابن الجوزي يريد بالتابوت الصندوق أي سبع مكتوبة في صندوق عنده لم يحفظها في ذلك الوقت. قلت: ويؤيده ما وقع عند أبي عوانة من طريق أبي حذيفة عن الثوري بسند حديث الباب " قال كريب وستة عندي مكتوبات في التابوت " وجزم القرطبي في " المفهم " وغير واحد بأن المراد بالتابوت الجسد أي أن السبع المذكورة تتعلق بجسد الإنسان بخلاف أكثر ما تقدم فإنه يتعلق بالمعاني كالجهات الست وإن كان السمع والبصر من الجسد، وحكى ابن التين عن الداودي أن معنى قوله " في التابوت " أي في صحيفة في تابوت عند بعض ولد العباس، قال: والخصلتان العظم والمخ. وقال الكرماني: لعلهما الشحم والعظم، كذا قالا وفيه نظر، سأوضحه. قوله (فلقيت رجلا من ولد العباس) قال ابن بطال: ليس كريب هو القائل " فلقيت رجلا من ولد العباس " وإنما قاله سلمة بن كهيل الراوي عن كريب. قلت: هو محتمل، وظاهر رواية أبي حذيفة أن القائل هو كريب، قال ابن بطال: وقد وجدت الحديث من رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال فذكر الحديث مطولا، وظهرت منه معرفة الخصلتين اللتين نسيهما فإن فيه " اللهم اجعل في عظامي نورا وفي قبري نورا". قلت: بل الأظهر أن المراد بهما اللسان والنفس وهما اللذان زادهما عقيل في روايته عند مسلم وهما من جملة الجسد، وينطبق عليه التأويل الأخير للتابوت، وبذلك جزم القرطبي في " المفهم " ولا ينافيه ما عداه، والحديث الذي أشار إليه أخرجه الترمذي من طريق داود بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده " سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلة حين فرغ من صلاته يقول: اللهم إني أسألك رحمة من عندك " فساق الدعاء بطوله وفيه " اللهم اجعل لي نورا في قبري " ثم ذكر القلب ثم الجهات الست والسمع والبصر ثم الشعر والبشر ثم اللحم والدم والعظام ثم قال في آخره " اللهم عظم لي نورا وأعطني نورا واجعلني نورا " قال الترمذي غريب. وقد روى شعبة وسفيان عن سلمة عن كريب بعض هذا الحديث ولم يذكروه بطوله انتهى. وأخرج الطبري من وجه آخر عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه في آخره " وزدني نورا. قالها ثلاثا " وعند ابن أبي عاصم في كتاب الدعاء من طريق عبد الحميد بن عبد الرحمن عن كريب في آخر الحديث " وهب لي نورا على نور " ويجتمع من اختلاف الروايات كما قال ابن العربي خمس وعشرون خصلة. قوله (فذكر عصبي) بفتح المهملتين وبعدهما موحدة قال ابن التين هي أطناب المفاضل، وقوله "وبشري " بفتح الموحدة والمعجمة: ظاهر الجسد. قوله (وذكر خصلتين) أي تكملة السبعة، قال القرطبي: هذه الأنوار التي دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكن حملها على ظاهرها فيكون سأل الله تعالى أن يجعل له في كل عضو من أعضائه نورا يستضيء به يوم القيامة في تلك الظلم هو ومن تبعه أو من شاء الله منهم، قال والأولى أن يقال: هي مستعارة للعلم والهداية كما قال تعالى قال الطيبي: معنى طلب النور للأعضاء عضوا عضوا أن يتحلى بأنوار المعرفة والطاعات ويتعرى عما عداهما، فإن الشياطين تحيط بالجهات الست بالوساوس فكان التخلص منها بالأنوار السادة لتلك الجهات. قال: وكل هذه الأمور راجعة إلى الهداية والبيان وضياء الحق، وإلى ذلك يرشد قوله تعالى (الله نور السماوات والأرض - إلى قوله تعالى - نور على نور، يهدى الله لنوره من يشاء) انتهى ملخصا. وكان في بعض ألفاظه ما لا يليق بالمقام فحذفته. وقال الطيبي أيضا: خص السمع والبصر والقلب بلفظ " لي " لأن القلب مقر الفكرة في آلاء الله، والسمع والبصر مسارح آيات الله المصونة، قال: وخص اليمين والشمال بعن إيذانا بتجاوز الأنوار عن قلبه وسمعه وبصره إلى من عن يمينه وشماله من أتباعه، وعبر عن بقية الجهات بمن يشمل استنارته وإنارته من الله والخلق. وقوله في آخره " واجعل لي نورا " هي فذلكة لذلك وتأكيد له. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ حَقٌّ وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ الشرح: قوله (سفيان) هو ابن عيينة. قوله (كان إذا قام من الليل يتهجد) تقدم شرحه مستوفي في أوائل التهجد، وقوله في آخره " لا إله إلا أنت أو لا إله غيرك " شك من الراوي. ووقع في رواية للطبراني في آخره " ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم". *3* الشرح: قوله (باب التكبير والتسبيح عند المنام) أي والتحميد. الحديث: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهِمَا السَّلَام شَكَتْ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنْ الرَّحَى فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تَجِدْهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ قَالَ فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْتُ أَقُومُ فَقَالَ مَكَانَكِ فَجَلَسَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي فَقَالَ أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا أَوْ أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَهَذَا خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ الشرح: قوله (عن الحكم) هو ابن عتيبة بمثناة وموحدة مصغر فقيه الكوفة. وقوله "عن ابن أبي ليلى " هو عبد الرحمن. وقوله "عن علي " قد وقع في النفقات " عن بدل بن المحبر عن شعبة أخبرني الحكم سمعت عبد الرحمن ابن أبي ليلى أنبأنا علي". قوله (إن فاطمة شكت ما تلقى في يدها من الرحى) زاد بدل في روايته " مما تطحن " وفي رواية القاسم مولى معاوية عن علي عند الطبراني " وأرته أثرا في يدها من الرحى " وفي زوائد عبد الله بن أحمد في مسند أبيه وصححه ابن حبان من طريق محمد بن سيرين عن عبيدة بن عمرو عن علي " اشتكت فاطمة مجل يدها " وهو بفتح الميم وسكون الجيم بعدها لام معناه التقطيع. وقال الطبري: المراد به غلظ اليد، وكل من عمل عملا بكفه فغلظ جلدها قيل مجلت كفه. وعند أحمد من رواية هبيرة بن يريم عن علي " قلت لفاطمة لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألتيه خادما، فقد أجهدك الطحن والعمل " وعنده وعند ابن سعد من رواية عطاء بن السائب عن أبيه عن علي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة " فذكر الحديث وفيه " فقال علي لفاطمة ذات يوم: والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري، فقالت: وأنا والله لقد طحنت حتى مجلت يداي " وقوله " سنوت " بفتح المهملة والنون أي استقيت من البئر فكنت مكان السانية وهي الناقة، وعند أبي داود من طريق أبي الورد بن ثمامة عن علي بن أعبد عن علي قال " كانت عندي فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فجرت بالرحى حتى أثرت بيدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في عنقها، وقمت البيت حتى اغبرت ثيابها " وفي رواية له " وخبزت حتى تغير وجهها". قوله (فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما) أي جارية تخدمها، ويطلق أيضا على الذكر. وفي رواية السائب " وقد جاء الله أباك بسبي، فاذهبي إليه فاستخدميه " أي اسأليه خادما. وزاد في رواية يحيى القطان عن شعبة كما تقدم في النفقات " وبلغها أنه جاءه رقيق " وفي رواية بدل " وبلغها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بسبي". قوله (فلم تجده) في رواية القطان " فلم تصادفه " وفي رواية بدل فلم توافقه وهي بمعنى تصادفه. وفي رواية أبي الورد " فأتته فوجدت عنده حداثا " بضم المهملة وتشديد الدال وبعد الألف مثلثة أي جماعة يتحدثون " فاستحيت فرجعت " فيحمل على أن المراد أنها لم تجده في المنزل بل في مكان آخر كالمسجد وعنده من يتحدث معه. قوله (فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته) في رواية القطان " أخبرته عائشة " زاد غندر عن شعبة في المناقب " بمجيء فاطمة " وفي رواية بدل " فذكرت ذلك عائشة له " وفي رواية مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عند جعفر الفريابي في " الذكر " والدار قطني في " العلل " وأصله في مسلم " حتى أتت منزل النبي صلى الله عليه وسلم فلم توافقه، فذكرت ذلك له أم سلمة بعد أن رجعت فاطمة " ويجمع بأن فاطمة التمسته في بيتي أم المؤمنين، وقد وردت القصة من حديث أم سلمة نفسها أخرجها الطبري في تهذيبه من طريق شهر بن حوشب عنها قالت " جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو إليه الخدمة " فذكرت الحديث مختصرا. وفي رواية السائب " فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما جاء بك يا بنية؟ قالت: جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله ورجعت، فقلت: ما فعلت؟ قالت: استحييت". قلت: وهذا مخالف لما في الصحيح، ويمكن الجمع بأن تكون لم تذكر حاجتها أولا على ما في هذه الرواية، ثم ذكرتها ثانيا لعائشة لما لم تجده، ثم جاءت هي وعلي على ما في رواية السائب فذكر بعض الرواة ما لم يذكر بعض. وقد اختصره بعضهم، ففي رواية مجاهد الماضية في النفقات " أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال: ألا أخبرك ما هو خير لك منه " وفي رواية هبيرة " فقالت انطلق معي، فانطلقت معها فسألناه فقال: ألا أدلكما " الحديث. ووقع عند مسلم من حديث أبي هريرة " أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما وشكت العمل فقال: ما ألفيته عندنا " وهو بالفاء أي ما وجدته، ويحمل على أن المراد ما وجدته عندنا فاضلا عن حاجتنا إليه لما ذكر من إنفاق أثمان السبي على أهل الصفة. قوله (فجاءنا وقد أخذنا مضاجعا) زاد في رواية السائب " فأتيناه جميعا، فقلت بأبي يا رسول الله، والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري. وقالت فاطمة: لقد طحنت حتى مجلت يداي، وقد جاءك الله بسبي وسعة فأخدمنا فقال: والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم " وقد أشار المصنف إلى هذه الزيادة في فرض الخمس وتكلمت على شرحها هناك. ووقع في رواية عبيدة بن عمرو عن علي عند ابن حبان من الزيادة " فأتانا وعلينا قطيفة إذا لبسناها طولا خرجت منها جنوبنا وإذا لبسناها عرضا خرجت منها رءوسنا وأقدامنا " وفي رواية السائب " فرجعا فأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفة لهما إذا غطيا رءوسهما تكشفت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رءوسهما". قوله (فذهبت أقوم) وافقه غندر. وفي رواية القطان " فذهبنا نقوم " وفي رواية بدل " لنقوم " وفي رواية السائب " فقاما". قوله (فقال مكانك) وفي رواية غندر " مكانكما " وهو بالنصب أي الزما مكانكما. وفي رواية القطان وبدل " فقال على مكانكما " أي استمرا على ما أنتما عليه. قوله (فجلس بيننا) في رواية غندر " فقعد " بدل جلس. وفي رواية القطان " فقعد بيني وبينها " وفي رواية عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عند النسائي، " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وضع قدمه بيني وبين فاطمة. قوله (حتى وجدت برد قدميه) هكذا هنا بالتثنية وكذا في رواية غندر وعند مسلم أيضا. وفي رواية القطان بالإفراد. وفي رواية بدل كذلك بالإفراد للكشميهني. وفي رواية للطبري " فسخنتهما " وفي رواية عطاء عن مجاهد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عند جعفر في الذكر وأصله في مسلم من الزيادة " فخرج حتى أتى منزل فاطمة وقد دخلت هي وعلي في اللحاف فلما استأذن هما أن يلبسا فقال: كما أنتما، إني أخبرت أنك جئت تطلبين، فما حاجتك؟ قالت: بلغني أنه قدم عليك خدم، فأحببت أن تعطيني خادما يكفيني الخبز والعجن فإنه قد شق علي، قال: فما جئت تطلبين أحب إليك أو ما هو خير منه؟ قال علي: فغمزتها فقلت قولي ما هو خير منه أحب إلي، قال: فإذا كنتما على مثل حالكما الذي أنتما عليه فذكر التسبيح. وفي رواية علي بن أعبد " فجلس عند رأسها فأدخلت رأسها في اللفاع حياء من أبيها " ويحمل على أنه فعل ذلك أولا، فلما تآنست به دخل معهما في الفراش مبالغة منه في التأنيس، وزاد في رواية علي بن أعبد " فقال ما كان حاجتك أمس؟ فسكتت مرتين، فقلت: أنا والله أحدثك يا رسول الله فذكرته له " ويجمع بين الروايتين بأنها أولا استحيت فتكلم علي عنها، فأنشطت للكلام فأكملت القصة. واتفق غالب الرواة على أنه صلى الله عليه وسلم جاء إليهما. ووقع في رواية شبث وهو بفتح المعجمة والموحدة بعدها مثلثة ابن ربعي عن علي عند أبي داود وجعفر في الذكر والسياق له " قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فانطلق علي وفاطمة حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما أتى بكما، قال علي: شق علينا العمل. فقال: ألا أدلكما " وفي لفظ جعفر " فقال علي لفاطمة: ائت أباك فاسأليه أن يخدمك، فأتت أباها حين أمست فقال: ما جاء بك يا بنية؟ قالت: جئت أسلم عليك. واستحيت. حتى إذا كانت القابلة قال: ائت أباك " فذكر مثله " حتى إذا كانت الليلة الثالثة قال لها علي: امشي فخرجا معا " الحديث، وفيه " ألا أدلكما على خير لكما من حمر النعم " وفي مرسل علي بن الحسين عند جعفر أيضا " إن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما وبيدها أثر الطحن من قطب الرحى، فقال: إذا أويت إلى فراشك " الحديث. فيحتمل أن تكون قصة أخرى. فقد أخرج أبو داود من طريق أم الحكم أو ضباعة بنت الزبير أي ابن عبد المطلب قالت " أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيا، فذهبت أنا وأختي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم نشكو إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمر لنا بشيء من السبي فقال: سبقكن يتامى بدر " فذكر قصة التسبيح إثر كل صلاة ولم يذكر قصة التسبيح عند النوم، فلعله علم فاطمة في كل مرة أحد الذكرين. وقد وقع في تهذيب الطبري من طريق أبي أمامة عن علي في قصة فاطمة من الزيادة " فقال اصبري يا فاطمة، إن خير النساء التي نفعت أهلها". قوله (فقال ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم) في رواية بدل " خير مما سألتماه " وفي رواية غندر " مما سألتماني " وللقطان نحوه. وفي رواية السائب " ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ فقالا: بلى. فقال: كلمات علمنيهن جبريل". قوله (إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما) هذا شك من سليمان بن حرب، وكذا في رواية القطان، وجزم بدل وغندر بقوله " إذا أخذتما مضاجعكما " ولمسلم من رواية معاذ عن شعبة " إذا أخذتما مضاجعكما من الليل " وجزم في رواية السائب بقوله " إذا أويتما إلى فراشكما " وزاد في رواية " تسبحان دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا " وهذه الزيادة ثابتة في رواية عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أصحاب السنن الأربعة في حديث أوله " خصلتان لا يحصيهما عبد إلا دخل الجنة " وصححه الترمذي وابن حبان، وفيه ذكر ما يقال عند النوم أيضا. ويحتمل إن كان حديث السائب عن علي محفوظا أن يكون على ذكر القصتين اللتين أشرت إليهما قريبا معا. ثم وجدت الحديث في " تهذيب الآثار " للطبري فساقه من رواية حماد بن سلمة عن عطاء كما ذكرت، ثم ساقه من طريق شعبة عن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا وفاطمة إذا أخذا مضاجعهما بالتسبيح والتحميد والتكبير " فساق الحديث فظهر أن الحديث في قصة علي وفاطمة، وأن من لم يذكرهما من الرواة اختصر الحديث، وأن رواية السائب إنما هي عن عبد الله بن عمرو، وأن قول من قال فيه عن علي لم يرد الرواية عن علي وإنما معناه عن قصة علي وفاطمة كما في نظائره. قوله (فكبرا أربعا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين) كذا هنا بصيغة الأمر والجزم بأربع في التكبير. وفي رواية بدل مثله ولفظه " فكبرا الله " ومثله للقطان لكن قدم التسبيح وأخر التكبير ولم يذكر الجلالة. وفي رواية عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى وفي رواية السائب كلاهما مثله، وكذا في رواية هبيرة عن علي وزاد في آخره " فتلك مائة باللسان وألف في الميزان " وهذه الزيادة ثبتت أيضا في رواية هبيرة وعمارة بن عبد معا عن علي عند الطبراني. وفي رواية السائب كما مضى، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم كالأول لكن قال تسبحين بصيغة المضارع. وفي رواية عبيدة بن عمرو " فأمرنا عند منامنا بثلاث وثلاثين وثلاث وثلاثين وأربع وثلاثين من تسبيح وتحميد وتكبير " وفي رواية غندر للكشميهني مثل الأول، وعن غير الكشميهني " تكبران " بصيغة المضارع وثبوت النون، وحذفت في نسخة وهي إما على أن إذا تعمل عمل الشرط وإما حذفت تخفيفا. وفي رواية مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في النفقات بلفظ " تسبحين الله عند منامك " وقال في الجميع " ثلاثا وثلاثين " ثم قال في آخره قال سفيان رواية إحداهن أربع " وفي رواية النسائي عن قتيبة عن سفيان " لا أدري أيها أربع وثلاثون " وفي رواية الطبري من طريق أبي أمامة الباهلي عن علي في الجميع " ثلاثا وثلاثين. واختماها بلا إله إلا الله " وله من طريق محمد بن الحنفية عن علي " وكبراه وهللاه أربعا وثلاثين " وله من طريق أبي مريم عن علي " احمدا أربعا وثلاثين " وكذا له في حديث أم سلمة، وله من طريق هبيرة أن التهليل أربع وثلاثون ولم يذكر التحميد، وقد أخرجه أحمد من طريق هبيرة كالجماعة وما عدا ذلك شاذ. وفي رواية عطاء عن مجاهد عند جعفر وأصله عند مسلم " أشك أيها أربع وثلاثون غير أني أظنه التكبير " وزاد في آخره " قال علي فما تركتها بعد فقالوا له: ولا ليلة صفين؟ فقال: ولا ليلة صفين " وفي رواية القاسم مولى معاوية عن علي " فقيل لي " وفي رواية عمرو ابن مرة " فقال له رجل " وكذا في رواية هبيرة، ولمسلم في رواية من طريق مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى " قلت ولا ليلة صفين " وفي رواية جعفر الفريابي في الذكر من هذا الوجه " قال عبد الرحمن: قلت ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين " وكذا أخرجه مطين في مسند علي من هذا الوجه، وأخرجه أيضا من رواية زهير ابن معاوية عن أبي إسحاق " حدثني هبيرة وهانئ بن هانئ وعمارة بن عبد أنهم سمعوا عليا يقول " فذكر الحديث وفي آخره " فقال له رجل قال زهير أراه الأشعث بن قيس: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين " وفي رواية السائب فقال له ابن الكواء: ولا ليلة صفين؟ فقال: قاتلكم الله يا أهل العراق. نعم: ولا ليلة صفين، وللبزار من طريق محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب " فقال له عبد الله بن الكواء " والكواء بفتح الكاف وتشديد الواو مع المد وكان من أصحاب علي لكنه كان كثير التعنت في السؤال. وقد وقع في رواية زيد بن أبي أنيسة عن الحكم بسند حديث الباب " فقال ابن الكواء: ولا ليلة صفين؟ فقال: ويحك ما أكثر ما تعنتني، لقد أدركتها من السحر " وفي رواية علي بن أعبد " ما تركتهن منذ سمعتهن إلا ليلة صفين فإني ذكرتها من آخر الليل فقلتها " وفي رواية له وهي عند جعفر أيضا في الذكر " إلا ليلة صفين فإني أنسيتها حتى ذكرتها من آخر الليل " وفي رواية شبث بن ربعي مثله وزاد " فقلتها " ولا اختلاف فإنه نفى أن يكون قالها أول الليل وأثبت أنه قالها في آخره، وأما الاختلاف في تسمية السائل فلا يؤثر لأنه محمول على التعدد بدليل قوله في الرواية الأخرى " فقالوا " وفي هذه تعقب على الكرماني حيث فهم من قول علي " ولا ليلة صفين " أنه قالها من الليل فقال: مراده أنه لم يشتغل مع ما كان فيه من الشغل بالحرب عن قول الذكر المشار إليه، فإن في قول علي " فأنسيتها " التصريح بأنه نسيها أول الليل وقالها في آخره. والمراد بليلة صفين الحرب التي كانت بين علي ومعاوية بصفين، وهي بلد معروف بين العراق والشام، وأقام الفريقان بها عدة أشهر، وكانت بينهم وقعات كثيرة، لكن لم يقاتلوا في الليل إلا مرة واحدة وهي ليلة الهرير بوزن عظيم، سميت بذلك لكثرة ما كان الفرسان يهرون فيها، وقتل بين الفريقين تلك الليلة عدة آلاف، وأصبحوا وقد أشرف علي وأصحابه على النصر فرفع معاوية وأصحابه المصاحف، فكان ما كان من الاتفاق على التحكيم وانصراف كل منهم إلى بلاده. واستفدنا من هذه الزيادة أن تحديث علي بذلك كان بعد وقعة صفين بمدة، وكانت صفين سنة سبع وثلاثين، وخرج الخوارج على علي عقب التحكيم في أول سنة ثمان وثلاثين وقتلهم بالنهروان، وكل ذلك مشهور مبسوط في تاريخ الطبري وغيره (فائدة) : زاد أبو هريرة في هذه القصة مع الذكر المأثور دعاء آخر ولفظه عند الطبري في تهذيبه من طريق الأعمش عن أبي صالح عنه " جاءت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال: ألا أدلك على ما هو خير من خادم؟ تسبحين " فذكره وزاد " وتقولين: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، منزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، أعوذ بك من شر كل ذي شر، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر " وقد أخرجه مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه لكن فرقه حديثين. وأخرجه الترمذي من طريق الأعمش لكن اقتصر على الذكر الثاني ولم يذكر التسبيح وما معه. قوله (وعن شعبة عن خالد) هو الحذاء (عن ابن سيرين) هو محمد (قال التسبيح أربع وثلاثون) هذا موقوف على ابن سيرين، وهو موصول بسند حديث الباب. وظن بعضهم أنه من رواية ابن سيرين بسنده إلى علي وأنه ليس من كلامه، وذلك أن الترمذي والنسائي وابن حبان أخرجوا الحديث المذكور من طريق ابن عون عن ابن سيرين عن عبيدة بن عمرو عن علي، لكن الذي ظهر لي أنه من قول ابن سيرين موقوف عليه، إذ لم يتعرض المصنف لطريق ابن سيرين عن عبيدة، وأيضا فإنه ليس في روايته عن عبيدة تعيين عدد التسبيح وقد أخرجه القاضي يوسف في كتاب الذكر عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه بسنده هذا إلى ابن سيرين من قوله فثبت ما قلته ولله الحمد. ووقع في مرسل عروة عند جعفر أن التحميد أربع، واتفاق الرواة على أن الأربع للتكبير أرجح، قال ابن بطال: هذا نوع من الذكر عند النوم، ويمكن أن يكون صلى الله عليه وسلم كان يقول جميع ذلك عند النوم وأشار لأمته بالاكتفاء ببعضها إعلاما منه أن معناه الحض والندب لا الوجوب. وقال عياض: جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أذكار عند النوم مختلفة بحسب الأحوال والأشخاص والأوقات، وفي كل فضل، قال ابن بطال: وفي هذا الحديث حجة لمن فضل الفقر على الغنى لقوله " ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم " فعلمهما الذكر، فلو كان الغني أفضل من الفقر لأعطاهما الخادم وعلمهما الذكر فلما منعهما الخادم وقصرهما على الذكر علم أنه إنما اختار لهما الأفضل عند الله. قلت: وهذا إنما يتم أن لو كان عنده صلى الله عليه وسلم من الخدام فضلة، وقد صرح في الخبر أنه كان محتاجا إلى بيع ذلك الرقيق لنفقته على أهل الصفة، ومن ثم قال عياض: لا وجه لمن استدل به على أن الفقير أفضل من الغني، وقد اختلف في معنى الخيرية في الخبر فقال عياض: ظاهره أنه أراد أن يعلمهما أن عمل الآخرة أفضل من أمور الدنيا على كل حال، وإنما اقتصر على ذلك لما لم يمكنه إعطاء الخادم، ثم علمهما إذ فاتهما ما طلباه ذكرا يحصل لهما أجرا أفضل مما سألاه. وقال القرطبي: إنما أحالهما على الذكر ليكون عوضا عن الدعاء عند الحاجة، أو لكونه أحب لابنته ما أحب لنفسه من إيثار الفقر وتحمل شدته بالصبر عليه تعظيما لأجرها. وقال المهلب: علم صلى الله عليه وسلم ابنته من الذكر ما هو أكثر نفعا لها في الآخرة، وآثر أهل الصفة لأنهم كانوا وقفوا أنفسهم لسماع العلم وضبط السنة على شبع بطونهم لا يرغبون في كسب مال ولا في عيال، ولكنهم اشتروا أنفسهم من الله بالقوت. ويؤخذ منه تقديم طلبة العلم على غيرهم في الخمس. وفيه ما كان عليه السلف الصالح من شظف العيش وقلة الشيء وشدة الحال. وأن الله حماهم الدنيا مع إمكان ذلك صيانة لهم من تبعاتها، وتلك سنة أكثر الأنبياء والأولياء. وقال إسماعيل القاضي: في هذا الحديث أن للإمام أن يقسم الخمس حيث رأى، لأن السبي لا يكون إلا من الخمس، وأما الأربعة أخماس فهو حق الغانمين انتهى. وهو قول مالك وجماعة، وذهب الشافعي وجماعة إلى أن لآل البيت سهما من الخمس، وقد تقدم بسط ذلك في فرض الخمس في أواخر الجهاد. ثم وجدت في تهذيب الطبري من وجه آخر ما لعله يعكر على ذلك، فساق من طريق أبي أمامة الباهلي عن علي قال " أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق، أهداهم له بعض ملوك الأعاجم، فقلت لفاطمة: ائت أباك فاستخدميه " فلو صح هذا لأزال الإشكال من أصله، لأنه حينئذ لا يكون للغانمين فيه شيء. وإنما هو من مال المصالح يصرفه الإمام حيث يراه. وقال المهلب: فيه حمل الإنسان أهله على ما يحمل عليه نفسه من إيثار الآخرة على الدنيا إذا كانت لهم قدرة على ذلك. قال: وفيه جواز دخول الرجل على ابنته وزوجها بغير استئذان وجلوسه بينهما في فراشهما، ومباشرة قدميه بعض جسدهما. قلت: وفي قوله بغير استئذان نظر، لأنه ثبت في بعض طرقه أنه استأذن كما قدمته من رواية عطاء عن مجاهد في الذكر لجعفر، وأصله عند مسلم، وهو في " العلل " للدار قطني أيضا بطوله. وأخرج الطبري في تهذيبه من طريق أبي مريم " سمعت عليا يقول: إن فاطمة كانت تدق الدرمك بين حجرين حتى مجلت يداها " فذكر الحديث، وفيه " فأتانا وقد دخلنا فراشنا فلما استأذن علينا تخششنا لنلبس علينا ثيابنا، فلما سمع ذلك قال: كما أنتما في لحافكما". ودفع بعضهم الاستدلال المذكور لعصمته صلى الله عليه وسلم فلا يلحق به غيره ممن ليس بمعصوم. وفي الحديث منقبة ظاهرة لعلي وفاطمة عليهما السلام. وفيه بيان إظهار غاية التعطف والشفقة على البنت والصهر ونهاية الاتحاد برفع الحشمة والحجاب حيث لم يزعجهما عن مكانهما فتركهما على حالة اضطجاعهما، وبالغ حتى أدخل رجله بينهما ومكث بينهما حتى علمهما ما هو الأولى بحالهما من الذكر عوضا عما طلباه من الخادم، فهو من باب تلقي المخاطب بغير ما يطلب إيذانا بأن الأهم من المطلوب هو التزود للمعاد والصبر على مشاق الدنيا والتجافي عن دار الغرور. وقال الطيبي: فيه دلالة على مكانة أم المؤمنين من النبي صلى الله عليه وسلم حيث خصتها فاطمة بالسفارة بينها وبين أبيها دون سائر الأزواج. قلت: ويحتمل أنها لم ترد التخصيص بل الظاهر أنها قصدت أباها في يوم عائشة في بيتها فلما لم تجده ذكرت حاجتها لعائشة، ولو اتفق أنه كان يوم غيرها من الأزواج لذكرت لها ذلك، وقد تقدم أن في بعض طرقه أن أم سلمة ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك أيضا، فيحتمل أن فاطمة لما لم تجده في بيت عائشة مرت على بيت أم سلمة فذكرت لها ذلك، ويحتمل أن يكون تخصيص هاتين من الأزواج لكون باقيهن كن حزبين كل حزب يتبع واحدة من هاتين كما تقدم صريحا في كتاب الهبة. وفيه أن من واظب على هذا الذكر عند النوم لم يصبه إعياء لأن فاطمة شكت التعب من العمل فأحالها صلى الله عليه وسلم على ذلك، كذا أفاده ابن تيمية، وفيه نظر ولا يتعين رفع التعب بل يحتمل أن يكون من واظب عليه لا يتضرر بكثرة العمل ولا يشق عليه ولو حصل له التعب، والله أعلم. *3* الشرح: قوله (باب التعوذ والقراءة عند النوم) ذكر فيه حديث عائشة في قراءة المعوذات. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ فِي يَدَيْهِ وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَمَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ الشرح: حديث عائشة في قراءة المعوذات، وقد تقدم شرحه في كتاب الطب، وبينت اختلاف الرواة في أنه كان يقول ذلك دائما أو بقيد الشكوى، وأنه ثبت عن عائشة أنه يفيد الأمران معا لما في رواية عقيل عن الزهري بلفظ " كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة " وبينت فيه أن المراد بالمعوذات الإخلاص والفلق والناس، وأن ذلك وقع صريحا في رواية عقيل المذكورة وأنها تعين أحد الاحتمالات الماضي ذكرها ثمة، وفيها كيفية مسح جسده بيديه، وقد ورد في القراءة عند النوم عدة أحاديث صحيحة: منها حديث أبي هريرة في قراءة آية الكرسي وقد تقدم في الوكالة وغيرها، وحديث ابن مسعود الآيتان من آخر سورة البقرة وقد تقدم في فضائل القرآن، وحديث فروة بن نوفل عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنوفل اقرأ قل يا أيها الكافرون في كل ليلة وتم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك " أخرجه أصحاب السنن الثلاثة وابن حبان والحاكم، وحديث العرباض بن سارية " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ويقول فيهن آية خير من ألف آية " أخرجه الثلاثة، وحديث جابر رفعه " كان لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل وتبارك " أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " وحديث شداد بن أوس رفعه " ما من امرئ مسلم يأخذ مضجعه فيقرأ سورة من كتاب الله إلا بعث الله ملكا يحفظه من كل شيء يؤذيه حتى يهب " أخرجه أحمد والترمذي، وورد في التعوذ أيضا عدة أحاديث: منها حديث أبي صالح عن رجل من أسلم رفعه " لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق لم يضرك شيء " وفيه قصة. ومنهم من قال عن أبي صالح عن أبي هريرة أخرجه أبو داود وصححه الحاكم. وحديث أبي هريرة " كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أخذ أحدنا مضجعه أن يقول: اللهم رب السماوات ورب الأرض " الحديث، وفي لفظ " اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفشي ومن شر الشيطان الرجيم وشركه " أخرجه أبو داود والترمذي، وحديث على رفعه " كان يقول عند مضجعه: اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامات من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته " أخرجه أبو داود والنسائي، قال ابن بطال: في حديث عائشة رد على من منع استعمال العوذ والرقي إلا بعد وقوع المرض انتهى، وقد تقدم تقرير ذلك والبحث فيه في كتاب الطب. الحديث: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ تَابَعَهُ أَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ يَحْيَى وَبِشْرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَابْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشرح: قوله (باب) كذا للأكثر بغير ترجمة، وسقط لبعضهم، وعليه شرح ابن بطال ومن تبعه، والراجح إثباته. ومناسبته لما قبل عموم الذكر عند النوم، وعلى إسقاطه، فهو كالفصل من الباب الذي قبله لأن في الحديث معنى التعويذ وإن لم يكن بلفظه. قوله (زهير) هو ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي، وعبيد الله بن عمر هو العمري، وهو تابعي صغير وشيخه تابعي وسط وأبوه تابعي كبير، ففيه ثلاثة من التابعين في نسق مدنيون. قوله (إذا أوى) بالقصر وقد تقدم بيانه قريبا قوله (فلينفض فراشه بداخلة إزاره) كذا للأكثر. وفي رواية أبي زيد المروزي " بداخل " بلا هاء، ووقع في رواية مالك الآتية في التوحيد " بصنفة ثوبه " وكذا للطبراني من وجه آخر، وهي بفتح الصاد المهملة وكسر النون بعدها فاء هي الحاشية التي تلي الجلد، والمراد بالداخلة طرف الإزار الذي يلي الجسد، قال مالك: داخلة الإزار ما يلي داخل الجسد منه. ووقع في رواية عبدة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عند مسلم " فليحل داخلة إزاره فلينفض بها فراشه " وفي رواية يحيى القطان كما سيأتي " فلينزع " وقال عياض: داخلة الإزار في هذا الحديث طرفه، وداخلة الإزار في حديث الذي أصيب بالعين ما يليها من الجسد، وقيل: كنى بها عن الذكر وقيل عن الورك، وحكى بعضهم أنه على ظاهره وأنه أمر بغسل طرف ثوبه، والأول هو الصواب. وقال القرطبي في " المفهم ": حكمة هذا النفض قد ذكرت في الحديث، وأما اختصاص النفض بداخلة الإزار فلم يظهر لنا، ويقع لي أن في ذلك خاصية طبية تمنع من قرب بعض الحيوانات كما أمر بذلك العائن، ويؤيده ما وقع في بعض طرقه " فلينفض بها ثلاثا " فحذا بها حذو الرقي في التكرير انتهى. وقد أبدى غيره حكمة ذلك، وأشار الداودي فيما نقله ابن التين إلى أن الحكمة في ذلك أن الإزار يستر بالثياب فيتوارى بما يناله من الوسخ، فلو نال ذلك بكمه صار غير لدن الثوب، والله يحب إذا عمل العبد عملا أن يحسنه. وقال صاحب النهاية: إنما أمر بداخلته دون خارجته لأن المؤتزر يأخذ طرفي إزاره بيمينه وشماله ويلصق ما بشماله وهو الطرف الداخلي على جسده ويضع ما بيمينه فوق الأخرى، فمتى عاجله أمر أو خشي سقوط إزاره أمسكه بشماله ودفع عن نفسه بيمينه، فإذا صار إلى فراشه فحل إزاره فإنه يحل بيمينه خارج الإزار وتبقى الداخلة معلقة وبها يقع النفض. وقال البيضاوي: إنما أمر بالنفض بها لأن الذي يريد النوم يحل بيمينه خارج الإزار وتبقى الداخلة معلقة فينفض بها وأشار الكرماني إلى أن الحكمة فيه أن تكون يده حين النفض مستورة لئلا يكون هناك شيء فيحصل في يده ما يكره انتهى. وهي حكمة النفض بطرف الثوب دون اليد لا خصوص الداخلة. قوله (فإنه لا يدري ما خلفه عليه) بتخفيف اللام أي حدث بعده فيه، وهي رواية ابن عجلان عند الترمذي. وفي رواية عبدة " فإنه لا يدري من خلفه في فراشه " وزاد في روايته " ثم ليضطجع على شقه الأيمن " وفي رواية يحيى القطان " ثم ليتوسد بيمينه " ووقع في رواية أبي ضمرة في " الأدب المفرد ": " وليسم الله فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه " أي ما صار بعده خلفا وبدلا عنه إذا غاب. قال الطيبي: معناه لا يدري ما وقع في فراشه بعدما خرج منه من تراب أو قذاة أو هوام. قوله (ثم يقول باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه) في رواية عبدة " ثم ليقل " بصيغة الأمر وفي رواية يحيى القطان " اللهم باسمك " وفي رواية أبي ضمرة " ثم يقول سبحانك ربي وضعت جنبي " قوله (إن أمسكت) في رواية يحيى القطان " اللهم إن أمسكت " وفي رواية ابن عجلان " اللهم فإن أمسكت " وفي رواية عبدة " فإن احتبست". قوله (فارحمها) في رواية مالك " فاغفر لها " وكذا في رواية ابن عجلان عند الترمذي. قال الكرماني: الإمساك كناية عن الموت، فالرحمة أو المغفرة تناسبه، والإرسال كناية عن استمرار البقاء والحفظ يناسبه، قال الطيبي: هذا الحديث موافق لقوله تعالى قوله (بما تحفظ به عبادك الصالحين) قال الطيبي: هذه الباء هي مثل الباء في قولك كتبت بالقلم وما مبهمة، وبيانها ما دلت عليه صلتها. وزاد ابن عجلان عند الترمذي في آخره شيئا لم أره عند غيره وهو قوله " وإذا استيقظ فليقل: الحمد لله الذي عافاني في جسدي، ورد إلى روحي " وهو يشير إلى ما ذكره الكرماني. وقد نقلت قول الزجاج في ذلك في أواخر الكلام على حديث البراء فيما مضى قريبا، وكذلك كلام الطيبي. قال ابن بطال: في هذا الحديث أدب عظيم، وقد ذكر حكمته في الخبر وهو خشية أن يأوي إلى فراشه بعض الهوام الضارة فتؤذيه. وقال القرطبي: يؤخذ من هذا الحديث أنه ينبغي لمن أراد المنام أن يمسح فراشه لاحتمال أن يكون فيه شيء يخفى من رطوبة أو غيرها. وقال ابن العربي: هذا من الحذر ومن النظر في أسباب دفع سوء القدر أو هو من الحديث الآخر " اعقلها وتوكل". قلت: ومما ورد ما يقال عند النوم حديث أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوى " أخرجه مسلم والثلاثة، ولأبي داود من حديث ابن عمر نحوه وزاد " والذي من على فأفضل، والذي أعطاني فأجزل " ولأبي داود والنسائي من حديث علي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند مضجعه: اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامة من شر ما أنت أخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك ولا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك وبحمدك " ولأبي داود من حديث أبي الأزهر الأنماري " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه من الليل: بسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر لي ذنبي، وأخسئ شيطاني، وفك رهاني واجعلني في النداء الأعلى " وصححه الحاكم والترمذي، وحسنه من حديث أبي سعيد رفعه " من قال حين يأوي إلى فراشه: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي، القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر وإن كانت عدد رمل عالج، وإن كانت عدد أيام الدنيا " ولأبي داود والنسائي من حديث حفصة " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول: اللهم قني عذاب يوم تبعث عبادك ثلاثا " وأخرجه الترمذي من حديث البراء وحسنه ومن حديث حذيفة وصححه قوله (تابعه أبو ضمرة وإسماعيل بن زكريا عن عبيد الله) هو ابن عمر المذكور في الإسناد، وأبو ضمرة هو أنس بن عياض، ومراده أنهما تابعا زهير بن معاوية في إدخال الواسطة بين سعيد المقبري وأبي هريرة، فأما متابعة أبي ضمرة فوصلها مسلم والبخاري في " الأدب المفرد " وأما متابعة إسماعيل بن زكريا فوصلها الحارث بن أبي أسامة عن يونس بن محمد عنه، كذا رأيته في شرح مغلطاي، وكنت وقفت عليها في " الأوسط للطبراني " وأوردتها منه في " تعليق التعليق " ثم خفي على مكانها الآن. ووقع عند أبي نعيم في " المستخرج " هنا وعبدة وهو ابن سليمان ولم أرها لعيره، فإن كانت ثابتة فإنها عند مسلم موصولة. وقد ذكر الإسماعيلي أن الأكثر لم يقولوا في السند " عن أبيه " وأن عبد الله بن رجاء رواه عن إسماعيل بن أمية وعبيد الله بن عمر عن سعيد عن أبيه أو عن أخيه عن أبي هريرة، ثم ساقه بسنده إليه. وهذا الشك لا تأثير له لاتفاق الجماعة على أنه ليس لأخي سعيد فيه ذكر، واسم أخي سعيد المذكور عباد. وذكر الدار قطني أن أبا بدر شجاع بن الوليد والحسن بن صالح وهريم وهو بالراء المهملة مصغر ابن سفيان وجعفر بن زياد وخالد بن حميد تابعوا زهير بن معاوية في قوله فيه " عن أبيه". قوله (وقال يحيى بن سعيد) هو القطان (وبشر بن المفضل عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم) أما رواية يحيى القطان فوصلها النسائي، وأما رواية بشر بن المفضل فأخرجها مسدد في مسنده الكبير عنه، وذكر الدار قطني أن هشام بن حسان ومعتمر بن سليمان وعبد الله بن كثير رووه عن عبيد الله بن عمر كذلك، وكذا ذكر الإسماعيلي أن عبد الله بن نمير، والطبراني أن معتمر بن سليمان ويحيى ابن سعيد الأموي وأبا أسامة رووه كلهم عن عبيد الله بن عمر كذلك، وأشار البخاري بقوله " عن النبي صلى الله عليه وسلم " إلى أن بعضهم رواه عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة موقوفا، منهم هشام بن حسان والحمادان وابن المبارك وبشر بن المفضل ذكره الدار قطني، قلت: فلعله اختلف على بشر في وقفه ورفعه، وكذا على هشام ابن حسان. ورواية ابن المبارك وصلها النسائي موقوفة. قوله (ورواه مالك وابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم) أما رواية مالك فوصلها المصنف في كتاب التوحيد عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي عنه، وقصر مغلطاي فعزاها لتخريج الدار قطني في غرائب مالك مع وجودها في الصحيح الذي شرحه، وتبعه شيخنا ابن الملقن. وقد ذكر المصنف في التوحيد أكثر هذه التعاليق المذكورة هنا أيضا عقب رواية مالك، ولما ذكر الدار قطني حديث مالك المذكور قال: هذا حديث غريب لا أعلم أسنده عن مالك إلا الأويسي، ورواه إبراهيم بن طهمان عن مالك عن سعيد مرسلا. وأما رواية محمد بن عجلان فوصلها أحمد عنه، ووصلها أيضا الترمذي والنسائي والطبراني في الدعاء من طرق عنه، وقد ذكرت الزيادة التي عند الترمذي فيه قبل. (تنبيه) : قال الكرماني عبر أولا بقوله " تابعه " ثم بقوله " وقال " لأنهما للتحمل، وعبر بقوله " رواه " لأنها تستعمل عند المذاكرة. قلت: وهذا ليس بمطرد، لما بينت أنه وصل رواية مالك في كتاب التوحيد بصيغة التحمل وهي " حدثنا " لا بصيغة المذاكرة كقال وروى، إن سلمنا أن ذلك للمذاكرة، والله أعلم.
|